Advertisements

أحمد حسين الشرع، المعروف بلقب أبو محمد الجولاني، هو زعيم هيئة تحرير الشام، المعروفة سابقًا باسم جبهة النصرة، وهي فصيل مسلح لعب دورًا بارزًا في الصراع السوري منذ اندلاعه في عام 2011. يعد الجولاني أحد أبرز القادة العسكريين في الحرب السورية، ولعب دورًا محوريًا في تشكيل العديد من الجماعات المسلحة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وخاصة في شمال غرب البلاد.

أحمد حسين الشرع
أبو محمد الجولاني هو الاسم الحركي لأحمد حسين الشرع، الذي نشأ في سوريا. ولد في مدينة إدلب في شمال غرب سوريا، ويُعتقد أنه ينحدر من إحدى العائلات السنية التقليدية في المنطقة. تلقى الجولاني تعليمًا دينيًا في وقت مبكر من حياته، وانخرط في الأنشطة الجهادية في وقت مبكر من حياته. بداياته كانت في العراق، حيث كان له حضور بارز في صفوف القاعدة قبل أن يصبح أحد أبرز قادة “جبهة النصرة” التي اعتبرت الذراع السوري لتنظيم القاعدة في العام 2012.

تطورات وبداية “جبهة النصرة”
في العام 2012، ظهرت جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني كجماعة مسلحة خلال الحرب الأهلية السورية. وكانت الجماعة تعتبر جزءاً من المعارضة المسلحة التي تقاتل ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وكانت معروفة بتكتيكاتها العسكرية المتقدمة. وبعد فترة من النشاط، أعلنت الجبهة في العام 2013 مبايعتها لتنظيم القاعدة، مما جعلها تحتل مكانة بارزة في صفوف الجماعات الجهادية. لكن هذا الوضع لم يستمر إلا لفترة قصيرة، حيث اختلف الجولاني مع قيادة القاعدة بعد دخول جماعته في صراع مع داعش، مما أدى إلى تحول جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام في عام 2017.

التحول إلى هيئة تحرير الشام ونمط القيادة الجديد
منذ تأسيس هيئة تحرير الشام، كان الجولاني في صراع دائم مع القوى الدولية والإقليمية، ومع النظام السوري، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية مع بعض فصائل المعارضة الأخرى. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ الجولاني يُظهر تحولاً في استراتيجيته وخطاباته، حيث بدأ يروج لصورة جديدة لنفسه وجماعته، بعيدة كل البعد عن الصورة الجهادية المتطرفة التي ارتبطت بجبهة النصرة في السنوات الأولى. بدأ الجولاني يظهر في وسائل الإعلام بأناقة، متجنباً الأيديولوجية المتطرفة التقليدية في خطاباته، ومخاطباً خطاباً “براغماتياً” بعيداً عن الانتماء إلى القاعدة.

حكومة الإنقاذ والمشاريع المدنية في إدلب
في محاولة لإثبات شرعية “هيئة تحرير الشام” في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بدأ الجولاني بتأسيس “حكومة الإنقاذ” في إدلب، وهي إدارة مدنية تهدف إلى توفير الخدمات الأساسية للسكان، وشملت هذه الخدمات الكهرباء والمياه والتعليم والاتصالات، بالإضافة إلى إنشاء مدارس عسكرية لتخريج ضباط الشرطة والجنود. وقد أثارت هذه الخطوة جدلاً في الأوساط السياسية والجهادية، حيث لم تكن هذه المرة الأولى التي يتبنى فيها تنظيم مسلح مشروعاً مدنياً، ما يشير إلى محاولات الجولاني لتحسين صورته الدولية والمحلية.

ظهور الجولاني باسمه الحقيقي وتصريحات التنظيم
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت “هيئة تحرير الشام” في بيان رسمي أن اسم زعيمها هو أحمد حسين الشرع، المعروف بلقب “أبو محمد الجولاني”، بعد أن نفت الهيئة في وقت سابق الكشف عن اسم زعيم حركتها. وتعتبر هذه الخطوة تحولاً مهماً في سياسة الجولاني، حيث بدأ يسعى لتقديم نفسه كشخصية سياسية وعسكرية جديدة يمكنها التأثير على مسار الصراع في سوريا، وربما تمتد هذه التأثيرات إلى ما هو أبعد من حدود سوريا.

الأنشطة المدنية في إدلب وحلب
شهد التحول البراجماتي الذي تبناه الجولاني في الفترة الأخيرة انعكاساً ملموساً في المناطق الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام”. وفي إدلب، تمكن الجولاني من إعادة تأهيل البنية التحتية، مثل ترميم الملعب البلدي، وتنظيم فعاليات ثقافية مثل معرض إدلب للكتاب، الأمر الذي عزز علاقته بالسكان المحليين وأدى إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة لهم.

وبدأ الجولاني مؤخراً بتطبيق النموذج ذاته في مدينة حلب، مستفيداً من تجربته في إدلب، حيث من المرجح أن يعزز السيطرة المدنية والعسكرية في المنطقة في إطار جديد يهدف إلى فرض الاستقرار، بعيداً عن التوترات الجهادية السابقة.

خطة حل التنظيم وظهور الجولاني بصورة جديدة
في خطوة مفاجئة، أعلن الجولاني في تصريحات إعلامية عن نيته حل “هيئة تحرير الشام” تدريجياً، وهو ما يعتبر مؤشراً على تحوله من القيادة العسكرية الصارمة إلى محاولة بناء أيديولوجية أكثر اعتدالاً، بما يتماشى مع السياقات الحالية للمنطقة. ويبدو أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي الجولاني لتحسين صورته لدى القوى الدولية المعارضة لسياسته، بالإضافة إلى تحسين علاقته بقوى المعارضة السورية التي قد ترى فيه حليفاً جديداً.

خاتمة
تمثل تحولات أحمد حسين الشرع (أبو محمد الجولاني) من القائد العسكري لجبهة النصرة إلى الزعيم المعترف به دولياً لـ”هيئة تحرير الشام” تحولاً مهماً في مسار الجماعات المسلحة في سوريا. وبينما يواصل الجولاني تغيير صورة تنظيمه، فإنه يظهر أسلوباً جديداً يتسم بالبراغماتية والواقعية، بعيداً عن الأيديولوجيات المتطرفة السابقة. وإذا استمر على هذه التحولات، فقد ينجح في استقطاب المزيد من القوى المحلية والدولية إليه، لكنه في نظر العديد من الأطراف سيبقى جزءاً من الصراع السوري المعقد.

Advertisements